إن الحمد لله, نحمده ونستعينه, ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, إنه من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . وبعد... استوقفتني كلمة جميلة لأبي هريرة – رضي الله عنه - توضح جانبًا من حياة ذي النورين عثمان بن عفان – رضي الله عنه - .. فقد أخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه (متحدثًا عن عثمان): اشترى عثمان الجنة من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين..!! وقد نسأل أنفسنا: بأي ثمن اشترى عثمان الجنة؟؟! إن لشراء الجنة طرقًا كثيرة:
قد تشتري الجنة بركعتين خاشعتين في جوف الليل.. قد تشتري الحنة بكلمة حق.. تردُّ ظالمًا.. أو تنتصر لمظلوم.. قد تشتري الجنة بصيام يوم حارٍّ في سبيل الله.. وقد تشتريها ببسمة ودٍّ صافية في وجه أخيك.. .. أو مسحة كفٍّ حانية على رأس يتيم....
حقًّا يا إخواني.. ما أكثر طرق شراء الجنة! ولكن.. أيَّ هذه الطرق سلك عثمان؟؟ والجواب.. عند أبي هريرة.. يقول: .. حين حفر بئر رومة! وحين جهز جيش العسرة..! في كلتا المرتين – وفي غيرهما – سلك عثمان في شرائه للجنة طريقًا تميَّز به كثيرًا طوال حياته رضي الله عنه.. ذلكم هو طريق: الجهاد بالمال ومما لا شكَّ فيه.. أن الجهاد بالمال من أهم طرق شراء الجنة.. الجهاد بالمال عبادة تحتاج إليها كل قضايا المسلمين اليوم.. في فلسطين والعراق وغيرهما... فلا يُعقل أن يكون المسلمون صادقين في تعاطفهم مع إخوانهم المجاهدين في أي أرض إسلامية محتلة.. دون أن يكون لهذا التعاطف صدًى واقعي مادي.. فلا يعرف التاريخ قضايا نُصرت بالتعاطف المجرد، أو بالكلمات المنمقة والشعارات الرنانة.. ولا يُعقل أيضًا أن يتحمل فريق من أمة الإسلام وحده عبء صد العدو وتحرير الأرض بالمال والنفس جميعًا.. بينما يكتفي سائر المسلمين بالمراقبة لما يحدث والتعاطف السلبي – إن وصل الأمر للتعاطف السلبي – دون أن تتعدى المشاركة هذه الشكليات إلى دعم مادي يساهم بفعالية في إخراج المسلمين من أزماتهم!
في هذه الأسطر نحاول - إن شاء الله - إلقاء الضوء على قضية الجهاد بالمال.. كطريق من طرق شراء الجنة.. وكعنصر أساسي من عناصر التضحية في سبيل الله.. لا يُرجى نصر للأمة - لا في فلسطين ولا في غيرها – إلا برسوخه في وجدان المسلمين وسلوكهم.. وقد يلحظ القارئ الكريم في هذه السطور تركيزًا على الواقع الفلسطيني دون غيره من مآسي المسلمين مع أهميتها وإلحاحها جميعًا.. وإنما مردُّ ذلك إلى كون هذه الكلمات ألقيت ضمن سلسلة محاضرات كانت تركز على القضية الفلسطينية في الأساس.. ومعلوم أن سائر مواطن الألم في جسد الأمة تلتقي معًا في احتياجها للجهاد بالمال. وغني عن البيان أن لدعم قضايا المسلمين مقومات أخرى – إلى جانب الجهاد بالمال – كوضوح الرؤية, وقتل الهزيمة النفسية.. فضلاً عن تثبيت دعائم الإيمان وتقوية الروابط بين المؤمنين.. ونسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين. |